أدب عالمي | يوليا فاسيليفنا

You are currently viewing أدب عالمي | يوليا فاسيليفنا

أدب عالمي | يوليا فاسيليفنا

الكاتب الروسي | أنطون شيخوف 

أنطون بافلوفيتش تشيخوف (29 يناير 1860 – 15 يوليو 1904)(بالروسية: Антон Павлович Чехов) طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي كبير ينظر إليه على أنه من أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التاريخ، ومن كبار الأدباء الروس. كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين.

منذ أيام دعوتُ إلى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا)، لكي أدفع لها حسابها. قلت لها: اجلسي يا يوليا… هيّا نتحاسب. أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود، ولكنك خجولة إلى درجة أنك لن تطلبيها بنفسك. حسنًا. لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلاً) في الشهر.

قالتْ: أربعين. قلتُ: كلا، ثلاثين، هذا مسجّل عندي… كنت دائما أدفع للمربيات (ثلاثين روبلاً). قالتْ: حسنًا.

قلتُ: لقد عملت لدينا شهرين. قالتْ: شهرين وخمسة أيام. قلتُ: شهرين بالضبط. هذا مسجل عندي. إذن، تستحقين (ستين روبلاً). نخصم منها تسعة أيام آحاد. فأنت لم تعلّمي في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط. ثم ثلاثة أيام أعياد.

تضرّج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة. واصلتُ: نخصم ثلاثة أعياد، إذن المجموع (إثنا عشر روبلاً). وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم يكن يدرس. كنت تدرّسين لـ (فاريا) فقط. وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء.إذن إثنا عشر زائد سبعة… يساوي تسعة عشر. فلنخصم… الباقي هو (واحد وأربعون روبلاً)، مضبوط؟

احمرّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها، وسعلت بعصبية وتمخّطت، ولكن… لم تنبس بكلمة. قلتُ: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقًا، نخصم (روبلين)… الفنجان أغلى من ذلك، فهو موروث. ولكن فليسامحك الله! علينا العوض. وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزّق سترته. نخصم عشرة. وبسبب تقصيرك أيضًا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاء. ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء، فأنتِ تتقاضين مرتبًا. وهكذا، نخصم أيضا خمسة.وفي 10 يناير، أخذتِ مني (عشرة روبلات)…همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ… قلتُ: ولكن ذلك مسجّل عندي… قالتْ: حسناً، ليكن… واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين، الباقي أربعة عشر.

امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع… وظهرت حبات العرق على أنفها الطويل الجميل… يا للفتاة المسكينة. قالت بصوت متهدّج: أخذتُ مرةً واحدةً. أخذتُ من حرمكم (ثلاثة روبلات)… لم آخذ غيرها.قلتُ: حقا؟ انظري وأنا لم أسجّل ذلك! نخصم من الأربعة عشر ثلاثة… الباقي أحد عشر… ها هي نقودك يا عزيزتي! ثلاثة… ثلاثة… ثلاثة… واحد… واحد… تفضلي…

ومددتُ لها (أحد عشر روبلاً)… فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة… وهمستْ: شكراً.

انتفضتُ واقفاً وأخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب… سألتها: شكراً على ماذا؟ قالتْ: على النقود. 

قلتُ: يا للشيطان… ولكني نهبتك… سلبتك!  لقد سرقت منك!  فعلام تقولين شكراً ؟ 

قالتْ: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً. قلتُ: لم يعطوكِ ؟! أليس هذا غريبا !؟ لقد مزحتُ معك… لقنتُك درسًا قاسيًا… سأعطيك نقودك… (ثمانون روبلاً) كلها… ها هي في المظروف جهزتها لكِ! ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة إلى هذه الدرجة؟ لماذا لا تحتجّين؟ لماذا تسكتين؟ هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادّة الأنياب؟ هل يمكن أن تكوني مغفّلة إلى هذه الدرجة؟ 

ابتسمتْ بعجزٍ، فقرأتُ على وجهها: “يمكن”…

سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها، بدهشتها البالغة، (الثمانين روبلاً) كلها. فشكرتني بخجل وخرجت…

تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ: ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا…

الكاتب الروسي | أنطون شيخوف 

منصة المتمم | فريق النشر

كم كان مفيدا لك هذا المنشور؟

أنقر على النجمة لوضع التقييم

معدل التقييم 5 / 5. عدد التقييمات: 2

لا توجد تقييمات! كن أول من يعطي تقييمه

مرحبا بكم 👋

سعداء بالتواصل معكم!

لكي تصلكم نشرتنا بانتظام، وفيها جديد منصة المتمّم، يمكنكم الاشتراك بإدراج بريدكم الإلكتروني. شكرًا على اهتمامكم.

(تم تفعيل هذه الخدمة قبل سويعات، إن لم تعمل يرجى المحاولة مجددا بعد 24 ساعة)

We don’t spam! Read our privacy policy for more info

اترك تعليقاً