قصيدة | أنا البحر…

You are currently viewing قصيدة  | أنا البحر…

الشاعر | حافظ إبراهيم

شاعر مصري، ولد في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 – 21 يونيو 1932م،  كان شاعرًا ذائع الصيت، حفلَ ديوانُهُ بقصائد رائعةٍ قالَها في مناسبات شتّى، ويعدُّ مِنْ أبرزِ الشعراءِ العربِ في القرنِ العشرين، حاملًا للقب شاعر النيل الذي لقبه به صديقه الشاعر أحمد شوقي.

 ويعد أحد رواد المدرسة الإحيائية، وقد كان الشعر العربي قبل ظهور هذه الحركة الشعرية متدنٍّ جدًّا؛ حيث كان الشعراء يتلاعبون بالألفاظ من خلاله ممَّا أَدى إلى تجميد فكر الشعب، لذلك جعلَ الشاعرُ اللغة في هذهِ القصيدةِ؛ أي “أنا البحر” اللسان الناطق والمعبّر عنْ مشكلاتِها ومعاناتِها، فقدْ راجتْ في تلكَ الفترة فكرةُ الانصرافِ عنِ اللّغةِ العربيّةِ إلى لغةٍ أجنبيّةٍ أخرى، وعزا هؤلاءِ الجاحدونَ القصورَ إلى اللّغةِ الشريفةِ، فهبَّ الشاعرُ ينافحُ عنْ لغتِهِ، ويدفعُ عنْها افتراءاتِ أعدائِها، وينفي عنْها العقمَ، وأكَّدَ على أنَّ اللّغةَ العربيّةَ لغةٌ واسعةٌ راقيةٌ، وسعتْ كتابَ اللّهِ الكريمَ، ولا يمكنُها أنْ تضيقَ عنْ بعِض المخترعاتِ الحديثةِ، وعلى ذلكَ فالقصورُ ليسَ صفة خاصة بها، وإنّما هوَ صفةٌ في أهلِها، فلوْ أعطاها هؤلاءِ وبخاصة الكُتّابُ والشعراءُ منهمْ بعًضا منْ جهودِهمْ، وغاصوا في أعماقِها لوجدوا فيها دُررًا كثيرةً لمْ تتفتّحْ أصدافُها بعدُ، تغطّي ما قدْ يتطلّبُهُ عاملُ التّحديثِ في بابِ العلمِ والاختراعاتِ، وعليه فإنَّ اللغة ركنٌ ومُقوِّمٌ منْ مقوِّماتِ الأمّةِ الذي ينبغي ألاّ يهملَ. وظهور الاتجاه الإحيائي سببه مجموعة من العوامل؛ منها:

1- ضعف الشعر العربي وجموده على مدى العصر العباسي، وانفصال الشعراء عن أحداث العصر في مجتمعاتهم.

2- نمو الوعي القومي والتطلع إلى مسايرة التطور في الصناعة والعلوم المختلفة.

3- إحياء التراث القديم للشعر العربي.

4- الحملة الفرنسية التي قامت بدور حلقة الوصل بين الثقافة العربية والثقافة الغربية، فقويت هذه الصلة من خلال البعثات التعليمية والصحافة والمستشرقين.

هذا هو السياق الذي كتب فيه شاعر النيل قصيدته الشهيرة “أنا البحر”.

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ ❀ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني ❀ وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني ❀ أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي

أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً ❀ وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّنًا ❀ فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ ❀ يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي

وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ ❀ بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ وَشَتاتِ

سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُمًا ❀ يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي

حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ ❀ لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ

وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ ❀ حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ

أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقًا ❀ مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ

وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً ❀ فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي

أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ ❀ إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ

سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى ❀ لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً ❀ مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ

إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ ❀ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي

فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى ❀ وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي

وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ ❀ مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ

منصة المتمم | فريق النشر | عبد الكريم بوغزديس

كم كان مفيدا لك هذا المنشور؟

أنقر على النجمة لوضع التقييم

معدل التقييم 4.8 / 5. عدد التقييمات: 4

لا توجد تقييمات! كن أول من يعطي تقييمه

مرحبا بكم 👋

سعداء بالتواصل معكم!

لكي تصلكم نشرتنا بانتظام، وفيها جديد منصة المتمّم، يمكنكم الاشتراك بإدراج بريدكم الإلكتروني. شكرًا على اهتمامكم.

(تم تفعيل هذه الخدمة قبل سويعات، إن لم تعمل يرجى المحاولة مجددا بعد 24 ساعة)

We don’t spam! Read our privacy policy for more info

اترك تعليقاً